أكتب لكم بصفتي متابع و مشجع وفي لـ دورتموند منذ ما يربو على 6 سنوات مع العبقري يورجن كلوب الذي انتشل الفريق من سنوات الضياع في الفترة التي سبقته و التي شهدت نهاية جيل من العمالقة بسبب أزمة مالية طاحنة كادت تودي بالنادي لمصاف الدرجة الثانية حتى أنه أخذ مساعدةمادية من الغريم بايرن ميونيخ كي يبقى على قيد الحياة ... و لنا أن نتخيل في تلك الفترة 2003-2008 رحيل أسماء بحجم : يان كولر ، توماس روزيسكي ، تورستن فرينجز ، ينز ليمان ،ميتزيلدر ، إويرتون ...... إلخ.
بداية عصر كلوب شهد تغيرًا ملحوظًا في استراتيجيات و أهداف الفريق ، و بات من فرق المقدمة في الجدول بعدما كان قبلها يصارع من أجل البقاء كحال الكبير الذي يقبع حاليًا في غياهب الدرجة الثانية - إيرتا برلين - و حجز دورتموند لنفسه مع كلوب مكانًا بين الكبار بل و فاق بعدها توقعات أكثر الناس تفاؤلاً و حقق لقب البوندزليجا لأول مرة منذ فترة كبيرة من التخبط .
احتفل الأنصار و أقيمت الأفراح و الليالي الملاح ، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن و يضطر بعدها دورتموند لبيع أفضل لاعبيه نوري شاهين لـ ريال مدريدبعدما ظننت أن الدنيا أخيرًا ستبتسم لهم مع المجتهد الصاعد بسرعة الصاروخ يورجن كلوب .
فقدت الأمل و قلت في نفسي: انتهى دورتموند الذهبي و لا يمكن تعويضه ، رغم وجود بصيص من الأمللديَّ بوجود الساحر شينجي كاجاوا و الهداف لوكاس باريوس ، و أبراج المراقبة الدفاعية : سوبوتيتش ، ماتس أميلز و بديلهما سانتانا .
ليتحفني بعدها كلوب بالتعاقد مع إلكاي جوندوجان و إيفان بيريزيتش لتعويض خروج المحور شاهينو صانع الألعاب تاماس هاينال ... و يا لها من صفقتين تتحدثان عن نفسيهما خصوصًا جوندوجان من حيث صغر السن و إرتفاع القيمة الفنية و المادية في وقتٍ قصير و بتكلفة لا تذكر .
بعد ذلك تألق كاجاوا بشدةو كان على قدر المسئولية الملقاة على عاتقه برفقة جوتزه ، باريوس و كوبا في الأمام برحيل شاهين و بالفعل حققوا المأمول و فازوا ليس فقط بالدوري للمرة الثانية على التوالي وإنما بالكأس الألمانية أيضًا ، ليضطر مسئولو البايرن للاعتراف بأن بطلاً جديدًا قد فرض نفسه على الساحة بقوة و لم يعد مجرد طفرة كما كان يعتقد البعض خاصة بأنه حقق كل ذلك بعد رحيل عموده الفقري نوري شاهين .
لأصطدم من جديد بخروج كاجاوا ( ميسي اليابان ) و قلت حينها من جديد: خلاص باي باي دورتموند ؛ لأن الهداف باريوس رحل أيضًا، و بهذا الشكل سيسقط الفريق رسميًا ولم يبق فيه من نجوم يشار لهم بالبنان في منتصف الملعب الأمامي سوى ماريو جوتزهو شكرًا جزيلاً و بارك الله فيما رزق .
لكن و كالعادة أبهرني المدرب الأسطوري يورجن كلوب بجلب نجم مونشنجلادباخ و المانشافت ماركو رويس لتعويض رحيل كاجاوا و الاعتماد على الصاروخ البولندي روبيرت ليفاندوفيسكي كمهاجم صندوقأول لتعويض رحيل الهداف باريوس - الذي رحل حتى كل بدلائه : محمد زيدان و نيلسون آيدو فالديز - فلم يبق إلا ليفا و ثلة من الشباب المغمورين و أمام أعينكم أصبح ليفاندوفيسكي أفضل مهاجم في العالم في غضون موسمين فقط بعدما كان مجرد لاعب إحتياط يلعب كمهاجم ثان 9,5 و ليس بمهاجم صندوق صريح ، فضلاً عن أن دخوله منذ موسمين فقط - في بداياته -كان يقتصر في الغالب على كونه ورقة هجومية رابحة فقط للتنشيط و ليس للتهديف ... ليصنع منه كلوب معجزة أفضل مهاجم في العالم في الوقت الحالي بدون أدنى مبالغة في رأيي.
في نصف الموسم الحالي عاد الأسطورة شاهين إلى بيته الذي ترعرع فيه بعد تجربةفاشلة مع الريال و سبحان الله حتى كاجاوا للآن لم يجد نفسه في المانيو و كأنها لعنة دورتموند حيث يطلب باريوس العلم في الصينحاليًا ، زيدان معتزل إكلينيكيًا من بني ياس الإماراتي ... أما فالديز فهو يقوم بجمع الكرات و تنظيف مقاعد بدلاء الميستايافي فالنسيا الإسباني .
لكن شاهين عاد ليكتشف فريقًا أسطوريًا أقوى مما تركه بكثير ، لدرجة أنه - و هو من هو في تاريخ دورتموند الحديث - أصبح بديلأً لخليفته جوندوجان يتحين الفرص ليحاول إثبات جدارته بالأساسية من جديد في أعين المايسترو يورجن كلوب .
و كالعادة تأبى الأندية الغنية إلا أن تصطاد في مياه دورتموند - العكرة - و تخرج علينا صحيفة البيلد الألمانية بخبر منذ يومين مفاده إنتقال جوتزه - نجم الفريق الأول حاليًا - للبافاري مقابل 37 مليون يورو و في توقيت أقل ما يقال عنه أنه سخيف - قبل مباراة الريال في نصف نهائي التشامبيونز بأيام - و كأن البايرن لا يريد لدورتموند الإستقرار في تلك المرحلة الحاسمة من الموسم حتى تدين له السيطرة ليس فقط محليًا و إنما على الصعيد القاري أيضًا ، و ذلك بعدما أثبت أبناء السيجنال إيدونا باركأنهم من أقوى فرق العالم في النسخة الجارية من دوريأبطال أوروبا .
و رغم تحقق مراد البايرن بثورة جماهير دورتموند على فتاها المدلل إلا أن إحترافية و روح الفريق التي إكتسبها من مدربه كلوب جعلته يتجاوز كل تلك العقبات و يهزم الريال بنجومه الجالاكتيكوس و مدربه الأسطوري مورينيو برباعية فادحة و بـ سوبر هاتريك لأفضل مهاجم في العالم روبرت ليفاندوفيسكي الذي بات هو الأخر تتناثر بشأنه الإشاعات بشدة هذا الموسم فتارة تضعه في المان يونايتد مع زميله السابق كاجاوا و تارة أخرى تقذف به على شواطئ ميونيخ كثاني صفقات جوارديولا بعد رفيقه الحاليجوتزه .
لكن الخلاصة أني تعلمت الدرس و أيقنت بأن نجم دورتموند الأول هو جماهير السيجنال إيدونا بارك الوفية التي تزلزل الجبال و تحقق المحال - مباراة ملقا الدراماتيكية الأخيرة خير مثال - ناهيك عن المدرب الذي حفر إسمه بأحرف من ذهب في تاريخ دورتموند ألا و هو الشاب الواعد في عالم التدريب يورجن كلوب
فليرحل من يرحل و ليبقى من يبقى ، لكن أسطورة دورتموند في الفترة الذهبية الحالية ستبقى حكايةخالدة تتناقلها الأجيال فيألمانيا جيلاً بعد جيل لمدة ليست بالقليلة أبدًا حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً